الجمعة، 31 يناير 2014

The Endless Pause



أوركيدٌ بلونِ الشمس يبدو اليوم مبتهجٌ أكثر، أصوات النوارسِ البيضاء تقترب و كأنها قد بدأت تألفُ هذهِ الصحراء، و السماء تضيق بالغيمِ المُتراقصِ فيها، فأحتارُ بهِ أيميل للذهابِ شرقًا أم غربًا؟ أم هي قد أضاعت الطريق! خوفٌ يطرأ فجأةً بعيدًا عن طمأنةِ يدِ صديق، ذهولٌ أصبتُ به وحيدةً، انبثاقُ ضوءٍ يُضمر رؤيتي، ليُشعرني بخفقانِ قلبٍ لحدسٍ يشيه، يوقعهُ أرضًا على ركبتيه، يجعل التأمل و الصمت ينسجمانِ ببلاغةٍ حتى يرميانِ عليه الكثيرِ من السؤال: ماالذي تفعله الأنا؟ ألها في الهناك؟ أم لها في الهنا؟ . . 

الظِلال ترسمُ لي حكايةً على النافذةِ الباردة، طفلةً أضاعت والديها، دفترٌ ممزقِ الصفحاتِ بين يديها، تمضي دون توقفٍ بلا رهبةٍ، تودُ أن تكبر قبل أن تصل، و لكن وصلت و هي لم تكبر، على سورِ حديقةٍ خلفيةٍ توقفت قدميها، فلم تكن غير أرجوحةٌ مهجورةٌ أثارت في عينيها حُب الحياة. . لابد أن الظِلال قد أضلت طريقها فاصطدمت بنافذتي، أم لربما تكون هي الطفلةُ التي ضلت في العالم الحقيقي بعيدًا عن الخيال المُشرّد.

مازال الأوركيد ينظرُ إليّ و يبتسم ببرودةِ تدعو للاستسلام للنومِ الذي بات يغلبني في هذا الشتاء، و السكون يجعلُ مقطوعة The Endless Pause لـ Jóhann Jóhannsson تتفردُ بحضورها لتُريني مفاتيح الكمپيوتر و كأنها مفاتيح پيانو منسيٍّ على شاطئ الحلم البعيد، حيث لاشيءٌ سوى الرمل و الضوء و الماء، و جدائل البيلسان المنسدلةِ من نوتتهِ الموسيقيةِ القصيرةِ تلك . . 
انتشلني الحُلم بعيدًا في هذا الطقس، و أضاع أصابعي عن أيقونة النشرِ لهذا الهذيانِ الصباحي . . 


SnowflakeSparkling heart

الجمعة، 24 يناير 2014

عينٌ رضيّة



البحث عما يرضيني، و البحث وراء مايرضي من هم حولي ، ناقوسان يطرقان على ذهني في الأيام الماضية، الجامع بينهما أن كلاهما يسعيان للراحة و تحقيق السعادة، و الفارق بينهما بنظرتي أن الأول هو بحثٌ في محيط خطوطٍ أرسمها بمفردي و بقناعتي و بكل إدراكي بأنها تكمن في مقاييس ما أريد، أما الأخرى فهي بحثٌ في مساحةٍ لا محدودة و خلف اللامراد باسمٍ يتشبّهُ بالمراد.

 بوسعي أن أكتب قائمةٍ موجزة لكل ماأودّ أن أراه، أسمعه، و أحسه بين هذه الطرق المتشابهة، كما في وسعي أن ألتمس الرضا في مواضع لم أكن لأتخيل مكانًا لي بها لأن يقيني يملأني بأن من اختارها لي الله وحده، و لكن في الجانب الموازي من نظرتي الرضيّة هذه، أجد أن الكثير ممن هم حولي يتقمصون الرضا لكونهِ يرضي أحدًا أو جماعة أو مجتمعًا بأكمله في حالةٍ ما، و لستُ ممن يفعل مالايرضيه، كما أنه بوسعي أن أحدد خطوط الرضا لقلبي و عقلي بمقدارين متماثلين في الأهمية، ومع ذلك كله مازالت أراني في بحثٍ مستمرٍ عن هذا الرضا لإيماني بأن الطرق قد تنقطع فجأةً و أكون فيها لوحدي، و وحده الرضا بكامل حضوره أراه ونيس وحدةٍ لربما تحدث، و سبب سعادةٍ عن إلتماسها أبحث. 


كونوا برِضا ()

الجمعة، 17 يناير 2014

بينَ الغَيم


فصلٌ دراسي انقضى، خريفٌ اكتمل و شتاءٌ بنصفهِ مضى،  أشهرٌ لي بأن أقول أنها كانت تجرّ معها الكثير من الشعور المخبئ اضطراريًا في معظم الحين، فلم يكن هناك متسعٌ للفصح، و أعتقد حين لا يسع الوقت و المكان حمل مافي قلوبنا فإن ذلك إما لكون الشعور مشترك بيننا في الوقعِ الذي يُسكتنا و يضيق كل شيء للبوح بهِ كما هو، أو أن يكون اليقين بَيّنًا كالشمس بأنهُ لن يُفهم ولا لأقصر مدىً يُرجى، أحداثٌ متتالية أوقفتني، أبقتني في موضعٍ عصيٍّ على الوصف، و لكن كان لي بأن أمضي حتى انقضى كل شيءٍ ببطءٍ كدتُ فيه أن أنتشل لوهلةٍ تصديقي بهذهِ الحياة، فقطعت عهدًا عليّ ألا أأذنَ لساعة الألم بأن تأخذ أكبر من حجمها فيَّ، ألا أسمح لها أيضًا بأن تتسلل لمن هم يكترثون بما يلوجُ بداخلي أو تؤذيهم بشيءٍ يشبه ماتفعلهُ بي، فنحنُ ممن يكونون بخير في الكلمات الطيبة، في السؤال الودودِ، في الحديث عما نحبْ، في حضنٍ أجاد الإنصات، في روحٍ تمرّست الفهم، في بوحٍ يشبه لسعة النعناع، في أثرٍ حلوٌ ككعك البرتقال، نحنُ نبقى بخير بالتفاصيل الصغيرة، تلك التي أؤمن بوقعها و أثرها و المعنى المخبئ في جوفها، على عكس مايكون ظاهرًا كبير الحجم، فارغًا بلا أي معنًى و طعم. انقضى فصلٌ تراكمت على ذاكرتي جَمٌ من الأقوال عنه، لكن هناك جملةٌ واحدة ترسّخت في مسمعي حتى استطعتُ أن أفهمها بعمق و هي : أن لنا بأن نكون بخيرٍ معًا . . بكل ما أحمل من قلب أودّ أن نبقى بخير، و بملئ السماواتِ السبعِ لله الحمد على كل ماأخذ منّا، و على كل ماأعطى و بهِ مَنَّ  Leaf fluttering in wind

أكتب هذهِ التدوينة في تحليقِ سفر ، 
يرافقني صوت ( عبير نعمة ) بدفئِه و رقّتِه ،
و قد رأيتُ أمانٍ تباينتْ بين الغيم بحلةٍ جعلتها في البعدِ أجمل  Fallen leaf

السبت، 11 يناير 2014

جُمعة و مَطر!


الجمعة، أحبُ هذا اليوم بشكلٍ مختلف، و أحببتهُ في هذه الفترة أكثر بعدَ أن توسّط عطلة نهاية الأسبوع،  يومٌ لهُ صبحٌ يتفرّد بحضورهِ، لهُ روحانية الصلاة و الحُب، لهُ الرجوع إلى ذواتنا، رغباتنا، و أملنا الذي قد ينام فتنام أرواحنا منسيّةً معه. رائحة البخور و المسك، قهوةٌ عربيةٌ، سيدةٌ أصيلة تُكرم الأحباب برونقِ لونِ الزعفران، للجمعةِ حضورٌ حين يحضر صوتُ جدتي، لانبعاث الدعوات من صدرها نحو أعلى السماوات، لانسدالِ الغروب على أرضٍ تشبعت بالخفايا و الأسرار، و لصوتِ الحسّون الساكنِ في علّية بيتٍ جميلٍ قديم . 

تتحلى هذهِ الجُمعة بمساءٍ ممطر، صوتُ المطر هو الأكثر إلهامًا لي للنعاسِ و الاستسلامِ للنوم قبل أن يتوقف، النوم على صوتِ سقوط قطراتهِ يكون عميقًا، حتى و إن انقطع بصوتِ الرعدِ الذي يُلقي الذعر قليلًا في قلبي إلا أن الدفء يدعوني لتجاهلِ قوة رعدٍ و العودة للتركيز بصوتِ تلك القطراتِ الصغيرةِ جدًا، فأعود لعمقِ نومٍ لذيذ، المطر هذهِ الليلة فاتِن غررني بصوتهِ و اختطفني حتى تأخرت عن نشر هذهِ التدوينة بعد يوم الجمعة بدقيقة .. 

كل الشكر للزيارات التي تتزايد و يتزايد امتناني لكم معها ().

دُمتم بودّ Cherry blossom

الجمعة، 3 يناير 2014

عُزلة ورديّة



تدونيةٌ أولى من عامٍ جديد، و انسدال قائمةٌ أخرى تغريني لكثيرٍ ممايخافهُ و يشتاقهُ قلبي، تمامًا كما حدث في الثلاثة أعوام التي مضت، ثلاثة أعوامٍ في هذهِ الفسحة من النور، لهذه البقعة التي  تقشعُ رماديّة العالم الخارجي، تخترقُ بسكونها الأصوات، لتُضمد الشتات بي، و أحيانًا أخرى تشعلهُ لتحرق الكثير منه.

تموز ٢٠١٠: الشهر الأول للكتابة خلف نافذةٍ بلا ستائر، لم أتردد كثيرًا لعلمي بما يكنهُ قلمٌ وُلد منذ سنّ العاشرة، حين كتب قصيدةً بسبعةِ سطور، و كُوفئ بقُبلةِ جِيدٍ مازال أثرها باقٍ، مازال أثرها يزيد في عيني سعةِ دفاترٍ و أوراق،  فأعود في كل مرة هنا لأنتزع من نبرةِ صوتِ الكلمات ترددها، و أنشر مايحلو لها مما تكنّ في قلبها، بالرغمِ من أن الحكايةُ في هذا المكان بالنسبة لي أكبر من كونه افصاحٌ عن شعور، أو قولٌ يُرمزٌ له بأحرفٌ تنتثر على سطور، الحكايةُ  هنا عزلةٌ ورديةٌ بعيدة كل البعد عما لا أحب، نوتةٌ موسيقية متناهية التناسق، هنا اللوحة التي أختار ألوانها فتتشكل تلاعبًا بي بألوان أخرى تنسيني فتنتي باللون القديم، لذا فإنّ هذهِ التدوينة المُترأسة عامًا تراهُ عيني المُتأملة مليئًا، ستكون الأولى كذلك من تصنيفٍ جديد سميتهُ : " جُمُعاتِ سَلام "، لأجعل فيها كل جمعةٍ من عامنا الجديد سحابةٍ مغرمة بالتجول و التطلع، بالتأمل و التفكّر، بالنظر لما يكمنُ في الوراءِ المجهول، كل جمعة سأكون بقربٌ منكم أكثر ياأصدقاء، بقربٍ من رؤيتي، نظرتي، عيني التي علمتُ بعد كل مامضى أن لها في اللامرئي أكثر، ستكون أيامًا بالقربِ و الرضا مليئة، أنا على يقين ().

و دمتم بحُبٍ و سَلام Herb.