مُذكرات تشرين، أول من أمسكَ بيدي بعد وقوفٍ طال سكونهُ قبل عامين . .
و بما ان الذكرى مازالت تعود و ترفّ حول شبابيكٍ تأبى ألا تحتضنها
احتضانًا يطول لليلةٍ، ليومينِ ، بل لشهرٍ يتشبثُ بإحيائها في قلبهِ كُل عام ..
أظنّ أن هذهِ الليلة الأولى، ستفتحُ النافذة من جديد و من هذا المكان،
" في اليومِ الأول من تشرين عام 2011 ، وُلدت هذهِ المذكرات لتحكي عن عامٍ مضى، وُلدت بحروفٍ يتيمةٍ أُخذت بين يدينِ
غريبتين و ارتمت في حضن من ليس منها، و بالرغم من ذلك أمسكها و دفئها و أخذ يُلقي
في مسمعها تراتيل الأذان ..
( الله أكبر ) ، فلا ذعرٌ يصيبكِ من دُنيا ستجني عليكِ بالكثير .. (
الله أكبر )، إن لقيتي الحُزن استصغريهِ مهما يكُن كبير ..
يهمسُ آذانًا، و يتمتمُ قلبهُ بما علمتُهُ الحياة، و يرى عينانِ
تنظُران، شفتانِ تبتسمان، حتى صارت البسمةَ مُخلدةً في ملامحها .
هبت رياحٌ تجرّ معها الكثير من السنين، و كبُرت حروفٌ مازال يُرى
الجمالُ في مكمنها، مازالت كيومٍ وُلدت فيه، كشهر تشرين ، تحملُ في قلبها أملًا لم يزل ممهدًا دون أن يكبر، تشتاقُ لمن تنتظره
ولم تدري بأن هناك من ينتظرهُا، في عينيها عالمٌ لا ينتهي، مُدنٌ هنالكِ و طُرقاتٍ
كثيرًا ما أبلّها مطرُ ليلٍ طويل، شهدت أزقاتها عن كل حكايا الرحيل ..
كبُرت تلك الحروف أمام عيناي خجولةً تختبئُ بين الأوراقِ المُبعثرة و
تحت وسائدِ الحنين، كبُرت و هي تتخذُ نافذتي محطةً لغيرِالانتظار، محطةً وُضعت كي تمر
عليها الأيامُ بحبٍ و سلام ..
ففي الأيامِ هُنالك من هُم
متشابهون فتمضي بجانب النوافذِ المفتوحةَ و كأنها لم تكُ شيئا .. و منها من يقفُ
ليلقي عليها السلام، فتعطيهِ النوافذ شيئًا مما يكمن خلفها ، فيذكُرها .. و تذكُره
و تكتبهُ و تؤرخهُ بحبرٍ لا يزول ..
و من تلك الأيام كذلك من يقفُ أمامها ليشكو لها، رغمَ أنهُ لا يعرفُ
من يسكنُ وراءها، لكنّها تنتزعُ أساهُ من صدرهِ ببلسمِ كلماتٍ كأنهُ كان لا يريدُ
غيرها، فيرحل و قد حطّ على روحهِ الرضا و النسيان .
كبُرت صغيرتي و مازالت عصيةً على البوح، تتأرجحُ بين الفؤادِ و الروح،
لهَا طقوسٌ مُنتظره، وأغانٍ يتغنّى بها الزمان ،ولكنّ القلمُ بها يحتار حين يحكي
.. من أين يبتدئ و إلى أي كلمةٍ عليهِ أن يُفضي، و متى يكون معها الضحك، و متى ان
رآها عليهِ أن يبكي ؟ "
. . . . . . . .
" و تمضي لياليكَ يا تشرين
حتى تختمُك بالنون .... نُونٌ ، خاتمةٌ من
نورٍ يسطعُ في عينيّ في كل مرّة فلا أكادُ أرى ما الذي بعدُ سيأتي معك، و هل
سأراني كما كنتُ في كل مرةٍ تأتي و معكَ قدرٌ كنتُ قد جهلتهُ .في كل تلك المرّات التي تُعلن فيهِ حضورك يا تشرين، فانك توقض فيَّ
الكثير من الذكرى الجميلة، فأحبكَ أكثر ، و أهوى كل طقوس حضروكِ بجنونٍ أكثر،
نسيمكَ،هدوءكَ، مواعيدُك ، و لقاءاتٌ لا تشتهي أن تكونَ إلا حين تحين! من بينها
لقاءي الأول بهذهِ الحياة. "
انتهى .