الجمعة، 24 أغسطس 2012

دقّت ساعةُ الصّفرِ

في هذا الإنغماسِ المُتوازن بين الليل و حبل أفكاري ، و في هذا السكون اللاذعِ الذي يُخفي في طياتهِ صدىً طريدٍ بأسئلةٍ مؤجلة الأجوبة .. فكم مرةٍ جهلتُ و كم من مرةٍ خشيتُ جرأة تخميني للأقدارِ الآتية فاتقي ذاك الإحساس الذي يستوطن القلبَ مُلمحًا بأن قدرًا ما سيُدركني بعد ثوانٍ عدة .
أرى في صبحِ يومٍ أن الحلم قد أوشك اقتراب منالهِ في يديّ .. و في مساءِ ذاتِ اليوم قد تقطع طريقَ فرحتي و انبهاري بما خُيل لي كلمةٌ كالمرآة ؛ تكشف حقيقتي و حقيقة ما بين يدي و تحت قدماي .. فتحول بيني و بين ذاك الحُلمِ كسرابٍ متمرّدٍ لا يسئمُ من ايقاض خيبات الأمل في صدري .. قد أضيعُ حينها و أنسى كيف ابتدأت و كيف أوصلني الى موضعي شغفٌ قد بات على حِجرِ الحقيقة يحتضر ..

أي حالٍ صَوَرنا بهِ الحُلم حتى أبينا الرضا بأحوالٍ تنتمي في الحقيقة الى واقعنا ؟ و أي صورةٍ رسمتنا عليها أمنياتنا حتى وجدنا أن المرآة هي أكذب المخلوقاتِ في أعيننا ؟
قد أودع الله تعالى في قلوبنا ما يكفينا من حُب الحياة حتى نعيش بهناءٍ طوال العُمر ، و لكن القليل منّا من يؤمن بذلك ، فما بال من يُثمر هذا الحب ؟! و كأننا ننكرُ أصلنا و الطينِ الذي أُوجدنا منه ، بل وكأننا صرنا نشبهُ شياطينٍ لها أصلٌ من نارٍ لا تشبع ، كلما أُعطت كلما أرادت أكثر ! ألهذا الحدّ قد يصل بنا الطمعُ المُجرّد من حقيقتها ؟ أولسنا نحنُ بني البشر ، بني آدم الذي خُلق من طين الجنة ؟ فيفترضُ بنا أن نُثمر ذا الحُبِ للحياة الذي غُرس في أرواحنا .. فنُعطي و نُعطي الى حدّ النهاية ، نتشبع بالعطاءِ حتى تدق ساعة الصفرِ في ميلادنا ، و حينها قد نظنّ بأننا انتهينا .. و إذا بالعطاءِ قد صارت لهُ أرواحٍ باقية ، ذات عُمرٍ طويل .

هو ذا الحالُ الذي أخشى بألا أنتهي به .. فلا أدري أين يقعُ الصفرُ عن عقاربِ عُمري ، و لا أدري كم من حياةٍ سأُبقيها بعدي .. وَيْحي لو أن كل شيءٍ سينتهي معي ، ويْحي !
لربما ان دقت الساعة سأكونُ في سباتٍ يسرقني من كل شيء ، و لربما أكون في صحوتي و لكن الغفلة قد نامت في عيني ! و لربما سيُرسل الله لي ملكًا من السماءِ ليُلهمني بالأستعداد للمشهدِ الأخيرِ من الحياة ، يُلهمني بالإبتسامةِ التي تختمُ كل شيءٍ دون أن تفنى .. و لربما أكون حينها وحدي ، أسيرُ وحدي ، أو في غرفتي الباردة وحدي ، أو على سريري أمسكُ بمذكرتي و أكتبُ قصةً أراني فيها بعيدةً عن النهاية و ان كنتُ وحدي ! ، و لربما كنتُ في حشدِ الناس الذي يُنسيني ذاتي ، أو بين عائلتي ، صديقاتي ، و كل من أحب ، لستُ وحيدةً أراني ، فأغمضُ عينايَ على أجملِ صورةٍ أنعمها علي الإله في تلك الحياة ..
و قد يكون بين يديّ كتاب لا أعلمُ أي الكتبِ سيكون .. كم أتمنى لو كان المُصحف هو آخر كتابٍ أمسك به ، و قد أكون قد أعدتُ القهوة و لم أكملها ، أو ربما لم أحتسيها بعد ، و قد أكونُ ممسكةً بهاتفي ، و لم أقرأ بعدُ كل الرسائل التي وصلتني ، و ربما ممسكةً بيدٍ اطمئننتُ لها حتى بات قدري الأخير في حضنها .. و قد أكون .. سأكون كما شاء الله بأن أكون ..
فهي ساعةٌ آتيةٌ لا محالة ،
عسى الله أن يُجمّلني فيها بالختامِ الذي يرضى فيهِ عنّي ،
و عسى أن يُثمر حُبي للحياة التي لطالما دفئتهُ في قلبي ، حُبي لكل من لقّنوني ذاك المعنى الحقيقي لها بأبجديةٍ مُخلدةٍ في الذاكرةِ تحويها كل اللغات .
و إن قلّ العطاء .. و غاب بعدها الحضور .. فلا أرجو الا السماح ، الا الصلاة و الدعاء ..
الا ابتسامةٍ تحَيى و لو مَرّةً حين يحضرُ اسمٌ كان ينتمي اليّ .

و لكم منّي كل الشكرِ و الحُبِ و السّلام .

هناك 4 تعليقات:

  1. ربي رجائي امد لها في عمرها على طاعتك واجعل خاتمتها حسنة صائمة ساجدة لك ،، ياكريم يامنان اجعلها ومن تحب تدخل جنتك بغير حساب ولاسابقة عذاب،، ربي ارزقها رؤية وجهك الكريم،،

    يارب اجعلني معها ومن نحب والمسلمين في جنة قطوفها دانية ~

    ~ اللهم امين ~ 

    ردحذف
  2. اللهمّ آميــن () ، شكرًا لكِ من قلبي على الدعواتِ التي أسعدتني جدًا . . أدامكِ الله لي القريبة الحبيبة ، وجعلكِ سعيدةً في الدنيا و الآخرة .. شكرًا لكِ أختي .

    ردحذف
  3. آه ثم آه من هذه الكلمات الموجعة .. قلمك مبدع وساحر .. دمتي بخير عزيزتي وأعطاك الله ما تتمنين .. سلامي لك بحجم السماء لعباراتك التي لامست قلبي فأيقظته من السبات .. ألف شكر لك

    ردحذف
  4. و إياكِ فاطمة () أسعدكِ الله أينما كنتِ ، شكرًا لكِ و لكلماتكِ الجميلة

    ردحذف