الجمعة، 28 فبراير 2014

بَيتُ الجَـدّة


" لو كان قلبي معي ما اخترتُ غيركمُ .. ولا رضيتُ سواكُم في الهوى بَدلا "، بصوت فيروزتي المُتعمقِ في ألفِ معنًى يحضرني و أنا على طريق بيت الجدّة، البيت الذي خُلق لأجد فيه كل الأمن و الأمان، عتبتهُ الأولى حكايةً ولدت منذ ثلاثين عام، الطفولة مترسبةٌ على جدرانه، تلقي عليّ السلام في كل مرةٍ ببقايا أصواتنا التي نسيناها، الروائحُ فيه لم تتبدل، القهوة المُفعمة بالهيل، كعك الزنجبيل، مقعد الصُوفا، نقوش المفرش السمرقندي، برامج التلفاز، تشويش الراديو المُتعانِد مع صوت مذيع الإذاعةِ، الصوت الذي بقي مع سيدةَ عامًا تلوَ عام، مُدركًا أن قربُها هَنيٌ سيُنسيهِ غربةَ الأيام، في كل مرةٍ تقودني قدماي إلى هناك، أجدُ قلبي يعود لحيرتهُ الأولى، لمَ نحنُ نكبر؟ لمَ نخوضُ في خضمِ حياةٍ نجدها في عيننا تصغرُ؟

الساعةُ الخامسةُ و الربع مساءًا، جرس الباب صوتٌ قطعَ حديث أفكاري، الكل قد أتوا ، حكاياتُ هذهِ المدينة وصلت لمنصةٍ تُجمّل الإنصاتَ لها، الكل يسأل هُنا، الكل يضحكُ هنا، الكل يربّتُ على كتف الحزنِ ليرفع رأسهُ و ينسى، السّيدةُ ذاتُ الروح المُعطرةِ بالتسامحِ و العطاءِ بلا حدود، هي من أحضرت كل ذلك إلى هُنا، هي من حضّرت ذلك الطعمُ الشهيُ في الحديث، هي من تجعلني آوي إلى زاويةٍ كي لا تراني بها، أمسك هاتفي، أفتح صفحةَ ملاحظاتٍ، فلا أرى من مكاني غير عينيها و يديها، أستمعُ إلى صوتها الذي يغيبُ كالشمسِ كثيرًا، و حين يحضر يفتحُ نوافذَ الشروقِ لموسيقى الحُب على قلبي المُتيّمِ بها، أكتب عنكِ يامن أعطيتني الكثير .. ولكِ لم أعطِ .

دمتمُ بقربِ من تحبّون ()



-  أعتذر لكم أصحابي القراء على تأخيري في رفعِ التدوينات، أعتذرُ فالحياة تختلسني لوهلةٍ عن الذي أُحبّ. .


الجمعة، 21 فبراير 2014

من مَكـة


من مكة قلبي الهائم، باللوحةِ الحيّة على بردِ زجاج النافذة، من مكة حيث لا أرى أشباهًا للنائمين، طمأنينةُ الحبِ تنير جَبين الزائرين، حتى إكليل الورد المنحني نحو هذه اللوحة، لا ذبولٌ يراود أوراقه، مرويٍّ بالنظر لما يحبّ،  بيت الله، البيت المقدّس و العابدون حوله يجرّون حزن الروح فيهم تعطشًا للرحمة المجرّدة، تقربًا بحبهم المجسّد بالدعواتِ المحلقة للسماوات، الذكرى العميقة تحوم بين أجسادهم كطيفٍ مبللٍ بالمطر، الآمال اليتيمة تتسلل بين أيديهم لعلّها تُزهر، يودّون أن لا توقف قبل الوصول لما أتوا إليه، إن الله قريبٌ هنا، حمامُ السلام لا يخاف الليل هنا، الأرزاقُ غيماتٌ تأتي لتنظر إلى وجوهِ المصلّين، و أخرى تنتظر جلوس الساجدين لتبتسم لهم، عذوبة الماء، نقاوة صوتٌ ينقرُ نقرةً توقض الفؤاد ليهمس له : "كن لها، فأنت هنا"، صديقٌ غائب يقدم لك الوفاء في مُضيهِ فلا يُنسى، رياحينٌ من عبقِ الطفولة تعيد إليك الرغبة في الأشياء الصغيرة، في التفاصيل التي تركتها راغبًا لا تعسّفا، من مكة أغنيةٌ عن كلِ ما أتينا إليه في هذهِ الحياة، للحياةِ كما هي بلا تنمّقٍ و بلا تعكّر، من مكة قلبي أنا لم ينم، باقٍ مُنتظر .. باقٍ طفلًا لن يكبر . 


الجمعة، 14 فبراير 2014

وبكى بَعضي على بَعضي مَعي





" وبكى بَعضي على بَعضي مَعي "،
بَكت الأيامُ على أفعالها، 
و السنينُ على استعجالهِا،
كُل شيءٍ فيَّ يبكيكَ.. ما عدا الـ أنا 
مازالت تسألُ عن حالهِا، 
أحيةٌ تُرزق؟
أم ميتةٌ بعدما ختمَ الرحيلُ على غيابكَ سنة!

. . . . 

الجمعة، 7 فبراير 2014

حضورٌ بلا قيـود


كثيرٌ ما يغيّم على بالي فكرةٌ ما، رأي في ظاهرةٍ أراها أو أسمعها، أو جزءٌ من نصٍ أدبي يمرُ دون تسجيلها حتى أنساه . . و أحزنُ لذلك، بالرغم من سعيي دائمًا للتمسكِ بفهم ما أفكر و أشعر به، و بالرغم أيضًا من وجود عدة وسائل من الشبكات الإجتماعية التي تفتح ذراعيها لقول و إظهار إن صح القول بكل شيءٍ يخطر على البال في كل وقت، ولكني أراها رغم ذلك تضيق كثيرًا بما أكنه بداخلي، أشعر و كأنها تقيدني نحو طريقةٍ ما في التعبير أو إبداء شيءٍ أفعله كما يفعل الجميع .

فهناك علاقة موازية بين الازدحام الذي يأتي مع ازدياد عدد المتابعين و المعجبين و التعليقات و بين كوني لا أسعى لتحقيقها أبدًا إن لم أكن أهرب منها، بل أجدني أحب الأماكن التي أرى فيها شبهًا مني، و التي أكون فيها بكامل حريتي في طريقة التعبير عن الشعور والرأي و الفكرة . . لذا أمتن كثيرًا لجو المدونة التي يهيئ لي مايرضيني إلى حدٍ ما و بلا قيود تلك الشبكات الملزمة بطرقٍ تُتبع، كما أمتنُ لهدوء زيارات القراء مع ازديادهم و تعليقاتهم اللطيفة على بعض التدوينات، و لكل من يجعلني قادرة على الحضور بكامل مالديّ هنا . . 

و بالمناسبة، لم أتطرق في تدويناتي الأخيرة لعنوان مدونتي الذي تغير بعد السنوات الثلاثة بعنوانها القديم " وشاءت كلماتي أن تحكي"، أحب ذاك العنوان البسيط و حكاية اختياري له التي كتبتها سابقًا، و لكن قد وُلد تَوقٌ للكَلِم و سعيٌ للقربِ من القراءِ المحبين فأتوق لردّ جميلهم بكل ما أحمل من قلب، كما أشكر و أمتن للصديقة المصممة لينا عامر، كان لأناملها أثرٌ جميل يظل ممتنًا لها مع بقاء مدونتي كمكانٍ مُقرّب . 

شكرٌ و وَردات،
و حُبٌ لكم يتخطى الكلمات ().