الخميس، 6 سبتمبر 2012

أملٌ يا فيروز ؟






حطّ الحمام على نافذتي .. و غابت شمسُ شتاء ،
مُستوحشةً هدوء مدينةٍ أوشكت بأهلها للفناء

و صوتُ المذياع علا بالأغاني الوطنية و بعضٍ من أنباء،
تُأمّلُ بقدومِ حظٍ لربُما يسدُّ جوع الضعفاء

قلّبتُ المحطات لعلّي أجدُ صوتٌ يأتي بأخبارٍ
لهذي الأرض ،دونما يتخللها كناياتٌ تُقال باسم الولاء،
دون مقدماتٍ طويلةٍ عمياء !

و إذا بصوتِ سيدةً تنتمي للشوارع و الطرقات ،
تسكنُ بيوتًا و مقاهٍ ، تسكنُ ضحكة صبحٍ ..
و رائحة القهوة حين تتراقص على سكون المساء ..

جاء صوتُ فيروز محلّقًا قاصدًا مسمعي ..
و كأنهُ تجرّد من حُريتهِ ليُشاركني حدودُ هذي الورقة !
تُخبرني بأن الأمل ما زال مُنتظرًا ، ما زال على عهدهِ لنا بالوفاء!

فكتبتُ في أول السطر : إلى سَيدة هوَانا المُشرّد .. فَيرُوز ،
لو تعلمين ما هي حَبكة الأمل معنا! و كم من وجعٍ يغرسهُ
في قلوب من يتشبثون بهِ .. ليس إيمانًا به!
بل لأن لا شيء غيرهُ يوهمهُم بالبقاء

فنحنُ يا سيدتي لسنا كذاك الزهرالذي يُزهر على وجناتِ الحقول ,
نحنُ كزهراتٍ تنمو في الأزقّاتِ تطلُّ كل حينٍ
لتَرى ما يسقطُ من جيوبِ الغُرباء

فحين سقطت بقايا سيجارةً ذات فجرْ ،
قُلنا بأن ذاك شيخٌ أحرقتهُ همُومهُ . .
و حين سقط منديلها المبلل بدمعٍ لم يجف بعد ،
وجدانها أمًّا حزينةً غاب ابنها ، فأرّقها البكاء

و ذاك الغريبُ الذي نسي محبرتهُ ، كان كاتبًا وجدنا صورةً لهُ
على رأس مقالٍ في صحيفةٍ . . لا يقرئها إلا البؤساء

نحنُ من نقتاتُ على خبزٍ لا يُشاركهُ عسلٌ أو زبدة ،
لنا أفكارٌ ذاتُ أغصانٍ مُتشابكةٍ ، لا تضمأ إلا للقهوةِ المُرّةِ السوداء

أتعلمينَ كيفَ هو حالُ المجانينَ حين يُدروكون أي نكرةٌ هُم ؟
هُم ذاتهم المُحبّين للحياةِ. . حين رسمهم ضباب نوافذهم مُكبّلين ،
و خلف حظٍّ عابرٍ قُدّروا سُجناء !

لا يتذكرون ماضٍ . . و لايرسمون غد !
لا يعلّقون في ذاكرتهم سوى صوتكِ هذا المُرتمي على مسمعي
ليقول لي : "فيه أمل" ، أقول لكِ : نعم ثمةُ أملٌ
و إن نُسينا . . فلن ينسنى ربُّ السماء

فلو تعلمين . . . ماذا تودّين أن تعلمين ؟!
أأقول كيف تمرُّ على عُشّاقنا السّنين ؟
أم تلك اللهفة في أعُينهم كيف أغرقها الحَنين ؟

شاب بنا الحُب يا سيدتي ..
فكتب وصيتهُ على غُصنِ اقحوانٍ و أهدى زهراتهُ لفتيات الحيّ ، منها ما هو لكِ ..
يوصيكِ على حكاياهُ الجميلة .. ألا تكفّي عنها الغناء

. . .

أطفأتُ المذياع ، سئمًا من ثرثرتي اللامُشوقةَ للإستماع
فقد نام الحبرُ في قلمي ، و ذاب البدرُ على ضباب نافدتي ..
حَدْسي بأن النّرجس قد حَكى لهُ قصةً غررتهُ للبُكاء ..

. . ♫

الثلاثاء، 4 سبتمبر 2012

لا تكترث بما تأتي بهِ الرياح

اغمض عينيك يامن تغيبُ عني ولا تسأل ،
اغمض عينيك و نم بارتياح . . .
لا تكترث بما يتسلل نوافذ ماضينا من رياح ،
و لا بكلّ ما تعاهدنا ألا ننساه

لربما كانت كذبةً صغيرةً في بحر أخطائنا ،
أو فصلًا لا تكتملُ القصة بلاه!
فكم قلنا و قلنا ، وعدنا . . و نسينا
كم تغنينا بغدٍ . . كثيرًا ماجهلناه

و إن أتى الصبحُ . .
و كشفت لك السماء صورةً تُشبهننا ،
و لكننا فيها قريبين ، بلا غربةٍ تُفرقنا!
فلا تطل تحديقك بها ، سر و امضِ . .
لا تكترث بكل ما حلمنا برؤياه

أتذكرُ حين قالت لنا الجدة مريمُ
حديثًا طويلًا عن عواطفنا ،
و حين تعوذت بالله من هجرٍ
يُصيبُ قلبَينا ،
فيشيخُ بكل ما في جوفهِما دفنّاه

غابت حبيبتنا و لم تدري ،
بأننا مضينا بعيدًا بعيدا ،
عصيّانِ عن كل حكمةٍ قيلت لنا ،
و الجميل الذي قد رأتهَ فينا،
في حَينا القديم تركناه

فهُبي يا رياحُ و اجلبي معكِ
ما استطعتِ من لحنِ أغانينا ،
من رائحة مقهانا،
ذاك الي يركنُ على ساحلٍ غربيّ
شاهدًا على كل ماحكيناه

هُبي و اجلبي معكِ ضحكاتِنا ،
تلك التي أوقفت يومًا شيخًا
يبيعُ الصحف ، فودّ لو انه يبيعُ صورًا لنا!
ثم اجلبي بيتَ شعرٍ على لحنِ اغنيةٍ
كنا قد ترجلناه

اجلبينا ، و ضيعي بنا عن الحقيقةِ لوهلة
خذينا الى البدايات ،
حيث كان لقائنا معتقًا باللهفة ،
و ضَلّي بعيدًا عن النهايةِ ، ضَلّي عن هُنا ،
و عن كل ما خشيناهُ..ثم فعلناه

نم يا غائبًا و لا تكترث بما تأتي بهِ الرياح . .
و لا بكم خريفٍ قد مرّ بيننا و ناح
فكم من عيدٍ و عيد
أتيناه فوجدناهُ في سبات!
لم يدرك ما اقمناهُ بعد فجرهِ من صلاة ،
لم يأتنا بما انتظرناه

نمَ ، ففي النومِ نسيانًا يطول ،
تنسى فيهِ من أنت ، من نحنُ
في الكوكبِ المجهول . .
فيحلقُ هوانا المُشرّد عن هذه الحياة ..
الى ما وراء الحياة ،
فيهِ حُلمًا يحملُ لنا كل مارجوناه