لو أننا لم نلتقِ ، و الطريقُ الذي جمعنا ماخُلق
و القلبُ ذاك المنسيُّ ظلّ بهواهُ يحترق
و الفجرُ .. و البدرُ ، و الشجر
و كُلَّ ما كان ونيسَهُ
بقيِ كغيمةٍ تمسحُ من عينيهِ دمعَ الأرق
و تلكَ النّجوى ظلّت على حالها ،
حكايتهُ التي خبئها ..
كطيرٍ يرفُّ على سطورِ الورق
لو أن قدر اللقاءِ يا صاحبي
بدربِ عمرنا ما لَحِق
فمضينا بجانب بعضنا ، و تلامسا كتفانا
و كأن لا شيء سيجمعُ بيننا ..
و الحقيقةُ ، أن كلينا لكلينا قد خُلق !
فلم ندري ،
بأن أرواحنا لم تكن إلا روحٌ واحدة
قد قسمها ربّ كل حكمةٍ ،
رب كل الناس و رب الفلق
و لم ندري أن ما عشناهُ
لم يكن الا نصف حياة ،
عشناها بنصفِ سعادةٍ ، بنصف أمنيةٍ و بنصف أمل ،
أُكملت بالرجاء تارةً ، وتارةً بألمٍ وقلق
لو أننا لم نلتقِ يا صاحبي
لما ارتوى لحلمٍ يجمعنا الرمق
و لا تعلّم قلبي أبجدية الهوى ،
ثم تهجّاها .. و بها نطق !
فغدا شاعرًا .. يزرعُ حروفَه
فتزهرُ قصائدًا
على أغصان الياسمينِ و الحبق
لما رسمتني عيناكَ في حكاياتٍ ترويها كل ليلةٍ
فصارت لي و طنًا ،
لا يتعدّى بي عن حدود الحدق . .
و حينها أتمنى بألا تنقضي حكايتك ..
و لكنّها تنقضي بصوت همسك
ب " يا صاحبي لن نفترق " ،
فأسألك و قد هام بلحظتهِ الوجدانُ
و بالسعادة قد سُقي حتى غرق . .
ماذا كان يا صاحبي ، لو أننا لم نلتقِ ؟
و ظلّت أرواحنا من كأسِ الصبر تستقي ،
و أهوائنا هي ما نخافهُ و من حُرقتها نتقي ،
و صوت الشكوى بنا ظلّ يأبى أن يعلو أو يرتقي ؟!
حتى ينتهي بنا العُمر ..
و كلانا لم يجد ذاتهُ !
و كلانا . .
لم يسأل : لو أننا لم نلتقِ ؟